{يَأَيُّهَا الناس اتقوا رَبَّكُمُ} أمر بني آدم بالتقوى، ثم علل وجوبها عليهم بذكر الساعة ووصفها بأهول صفة بقوله {إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَئ عَظِيمٌ} لينظروا إلى تلك الصفة ببصائرهم ويتصوروها بعقولهم حتى يبقوا على أنفسهم ويرحموها من شدائد ذلك اليوم بامتثال ما أمرهم به ربهم من التردي بلباس التقوى الذي يؤمنهم من تلك الأفزاع. والزلزلة شدة التحريك والإزعاج، وإضافة الزلزلة إلى الساعة إضافة المصدر إلى فاعله كأنها هي التي تزلزل الأرض على المجاز الحكمي، أو إلى الظرف لأنها تكون فيها كقوله {بَلْ مَكْرُ الليل والنهار} [سبأ: 33] ووقتها يكون يوم القيامة أو عند طلوع الشمس من مغربها، ولا حجة فيها للمعتزلة في تسمية المعدوم شيئاً فإن هذا اسم لها حال وجودها وانتصب {يَوْمَ تَرَوْنَهَا} أي الزلزلة أو الساعة بقوله {تَذْهَلُ} تغفل. والذهول: الغفلة {كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} عن إرضاعها أو عن الذي أرضعته وهو الطفل. وقيل {مرضعة} ليدل على أن ذلك الهول إذا حدث وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته عن فيه لما يلحقها من الدهشة إذ المرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي، والمرضع التي شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ} أي حبلى {حِمْلِهَا} ولدها قبل تمامه. عن الحسن: تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام {وَتَرَى الناس} أيها الناظر {سكارى} على التشبيه لما شاهدوا بساط العزة وسلطنة الجبروت وسرادق الكبرياء حتى قال كل نبي: نفسي نفسي {وَمَا هُم بسكارى} على التحقيق {ولكن عَذَابَ الله شَدِيدٌ} فخوف عذاب الله هو الذي أذهب عقولهم وطير تمييزهم وردهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه. وعن الحسن: وترى الناس سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب. {سكرى} فيهما بالإمالة: حمزة وعلي وهو كعطشى في عطشان. رُوي أنه نزلت الآيتان ليلاً في غزوة بني المصطلق فقرأهما النبي عليه السلام فلم ير أكثر باكياً من تلك الليلة.